كيف تستفيد تركيا من جولة اردوغان الخليجية

أردوغان وجولة الخليج.. كيف تستفيد تركيا من الخطوة عقاريا!

جولة أردوغان الخليجية 2023

أردوغان وجولة الخليج.. كيف تستفيد تركيا من الخطوة عقاريا!  

 

تأتي زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى دول الخليج بعد إعادة انتخابه للمرة الثالثة مغايرة من حيث التوقيت، الوجهة والأهداف. 

 

فبعد توتر دام لسنوات بسبب ظروف سياسية مختلفة، جاء وقت فتح صفحة جديدة في العلاقات التركية الخليجية، بدأت خطواتها الأولى العام المنصرم، ومن المنتظر أن تعرف ذروتها في السنوات المقبلة. 

 

وشملت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى منطقة الخليج كل من السعودية، الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر. 

 

وتأتي هذه الدول في طليعة العواصم التي تسعى أنقرة إلى توطيد العلاقات الاقتصادية والسياسية معها بعد قطيعة مؤقتة ترغب مختلف الأطراف في إبقائها ضمن نطاق الماضي. 

 

العلاقات التركية السعودية .. العودة القوية! 

 

لم تمر حادثة مقتل الصحفي جمالي خاشقجي سنة 2018 برياح باردة على البلدين، بل وتّرت العلاقات بشكل كبير، ما أدّى إلى قطع العلاقات على عدة أصعدة خاصة منها الاستثمارية والاقتصادية. 

 

لكن بعد طي صفحة الماضي، بدأت العودة الجديدة لمجرى العلاقات بين البلدين من خلال زيارة لقّبت بالتاريخية وتوجّت بتوقيع ما يزيد من 16 اتفاقية تعاون في مجالات مختلفة بينها التبادل الاستثماري في قطاعات الدفاع، البناء والبنية التحتية. 

 

وتم الاتفاق أيضا من خلال الزيارة على رفع حجم التبادل التجاري من 6.5 مليار دولار سنة 2022 إلى 10 مليار دولار على المدى القصير و30 مليار دولار على المدى البعيد. 

 

ماذا عن مستقبل تملك السعوديين في تركيا؟

 

تترجم أرقام السوق خلال السنوات الماضية تراجعا ملحوظا لتملك السعوديين في تركيا، خاصة في ظل القطيعة السياسية بين البلدين، لكن سرعان ما بدأ هذا التراجع يتقلّص بعودة مجرى العلاقات بين أنقرة والرياض تدريجيا سواء من خلال زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لتركيا في يونيو / حزيران 2022، وأيضا بزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى جدة أسابيع فقط بعد إعادة انتخابه رئيسا لولاية ثالثة. 

 

بالعودة إلى أرقام معهد الإحصاء التركي، نجد أنّ شراء العقارات من قبل المواطنين السعوديين خلال السنوات ( 2015، 2016، 2017 و2018) ظلّ محافظا على الصدارة ضمن أكثر 5 دول إقبالا على العقارات في تركيا، لكنه تراجع خلال سنتي 2019 و2020 و2021 و 2022 إلى المراتب العشرين الأولى متراوحا بين المرتبة 15 و16 . 

 

إلاّ أنّ سنة 2023، عرفت عودة قوية لإقبال السعوديين على التملك بتركيا، حيث سجّلت الإحصائيات تقدم تملك السعوديين إلى المرتبة 11 بمبيعات بلغت 346 عقارا خلال الستة أشهر الأولى، رغم أنّ نسبة المبيعات تراجعت بشكل عام في البلاد بسبب الزلزال الكبير الذي ضرب الوسط والجنوب التركي وأيضا الانتخابات الرئاسية التي جرت على مرحلتين وأثرت بدورها على خطوة الاستثمار الأجنبي في البلاد خلال تلك الفترة. 

 

وزادت نسبة شراء السعوديين للعقارات في تركيا خلال الستة أشهر الأولى لسنة 2023 بـ 80% مقارنة بنفس الفترة من العام المنصرم.

 

ومن المنتظر أن ترتفع مبيعات العقارات من طرف السعوديين في تركيا خاصة بعد الانفتاح الاقتصادي الكبير المتوقع بين البلدين والصفقات الاستثمارية الضخمة المتوقعة بين أنقرة والرياض. 

 

ما هي أسباب تملك السعوديين في تركيا؟ 

 

نشهد حرص السعوديين على التملك في تركيا منذ الأعوام الأولى لرفع سياسة المعاملة بالمثل في مجال شراء العقارات سنة 2012، حيث كانوا السباقين لذلك.

 

ومن أهمّ أسباب إقبال السعوديين على عقارات تركيا: 

  • انبهارهم بالطبيعة الخلابة لتركيا، خاصة المناطق الخضراء منها على غرار بورصة، طرابزون، مرسين، بولو وموغلا. 

  • الأسعار المعقولة لعقارات تركيا مقارنة بأسعار العقارات في باريس ولندن المدن المفضلة سابقا لتملك السعوديين.

  • الاستفادة من المزايا المصاحبة للتملك على غرار الإقامة العقارية والجنسية التركية والتسهيلات الإدارية والقانونية. 

  • قوة الاستثمار العقاري في تركيا وارتفاع قيمته عاما تلو الآخر. 

العلاقات التركية الإماراتية .. قفزة فوق التوقعات؟ 

 

تحولت تركيا في ظرف العامين الأخيرين إلى واحدة من أهم الشركاء الاقتصاديين لدولة الإمارات العربية المتحدة، لتبلغ قيمة التجارة البينية غير النفطية 18.9 مليار دولار ما جعل تركيا واحدة من أكبر 10 شركاء تجاريين دوليين لتركيا بحصة تبلغ 3% من التجارة الخارجية غير النفطية لأبوظبي. 

 

هذا ومن المتوقع أن يصل حجم التبادل التجاري بين البلدين خارج النفط إلى 40 مليار دولار في غضون 5 سنوات المقبلة. 

 

لكن الزيارة الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان جاءت فوق التوقعات حيث خلصت إلى توقيع اتفاقيات تعاون في 13 مجال بقيمة 50.7 مليار دولار أمريكي، وهي قفزة نوعية في طبيعة العلاقات بين أنقرة وأبوظبي التي ارتقت رسميا إلى العلاقات الاستراتيجية. 

 

وجاء قطاع العقارات على رأس القطاعات التي توّجت باتفاقيات تعاون رفيعة المستوى، حيث من المنتظر أن تستمر الاستفادة من الخبرة التركية في مجال البناء والتشييد وأيضا استقبال تركيا لمشاريع عقارية إماراتية ضخمة على أراضيها. 

 

بالمقابل تراهن أنقرة على أعداد الأجانب المتواجدين بالإمارات لشراء عقارات تركيا خاصة أنّ إقبال المواطنين والمقيمين في الامارات لم يخرج عن المراتب 20 الأولى للمتملكين في بلاد الأناضول خلال العقد الأخير. 

 

العلاقات التركية القطرية .. الصداقة المتينة مستمرة!

 

لطالما كانت تركيا وقطر حليفتين استراتيجيتين في المنطقة بعلاقات قوية ومستمرة رغم الأزمات والخلافات السياسية التي مرّت بمنطقة الشرق الأوسط. 

وكانت تركيا حليفا لقطر على مدار 50 عاما من العلاقات الدبلوماسية خاصة خلال الحصار الاقتصادي الذي تغلبت عليه قطر سنة 2017 بدعم تركي وأيضا الموقف القطري الداعم لتركيا خلال محاولة الانقلاب الفاشل سنة 2016. 

 

وما يزيد من أهمية العلاقات التركية القطرية، الروابط الاقتصادية القوية التي تجمع البلدين، حيث لعبت تركيا دورا رائدا في تنظيم قطر لنهائيات كأس العالم سنة 2022 بقائمة خبرائها الكبار في قطاعي العقارات والخدمات الفندقية. 

وزادت استثمارات تركيا المباشرة في قطر لتصل إلى 33.2 مليار دولار، فيما بلغت قيمة المشاريع العقارية التي نفذتها شركات الانشاءات التركية كبنية تحتية في قطر 22 مليار دولار أمريكي. 

 

ويعتبر إسهام تركيا في مجال البناء والتشييد بقطر كبيرا ومهما في تطوير اقتصاد البلدين وقطاعا استراتيجيا تعوّل عليه الدولتين. 

 

كما أنّ إقبال القطريين على السياحة والعقارات في تركيا بدوره يعد لافتا، حيث يزور تركيا ما يزيد عن 150 ألف قطري سنويا ويتملك في أرجاء تركيا ما بين 200 إلى 700 مواطن من قطر كل عام.

 

وفي الأخير تعد الزيارة الثلاثية الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى دول الخليج حسب الخبراء بالكثير من الآفاق الاقتصادية في مجالات، التجارة، السياحة بمختلف أنواعها، العقارات، الصحة، الصناعة والدفاع.

 

ومن المنتظر أن نرى في المستقبل القريب ثمار هذا التقارب الاستثماري الاقتصادي على واقع الشعوب والحكومات.