السوق المسقوف باسطنبول يعانق زواره بعد أطول غلق في تاريخه

لما يفوق 5 قرون من الزمن، ظل البازار الكبير أو السوق المغلق الذي أمر ببنائه السلطان محمد الفاتح يفتح أبوابه أمام الزوار باعتباره أحد أكبر المجمعات التجارية التاريخية في العالم وأقدم الأسواق الشعبية في اسطنبول، لكن ولأوّل مرة في التاريخ بعد ما كان مزارا لمئات الملايين من السياح منذ 550 سنة من وجوده، أغلق أبوابه استثناء أمام روّاده بسبب وباء كان أقوى من العالم بأسره وجمّد عديد القطاعات وألغى الكثير من التظاهرات وأجبر البشرية جملة على البقاء في البيوت إلى حين ...

حينٌ، استمر لما يقارب 3 أشهر، كانت كفيلة بالتحكم نسبيا بانتشار فيروس كوفيد ـ 19 الذي سيطرت عليه تركيا بتسجيل انخفاض قياسي في عدد المصابين مقابل ارتفاع كبير في أعداد حالات الشفاء وأقل نسبة من الوفيات مقارنة بأعداد الإصابات حسبما ما تؤكّده عديد التقارير الدولية وإحصاءات منظمة الصحة العالمية .

انخفاض أدّى آليا إلى الرجوع تدريجيا إلى الحياة الطبيعية بعد غلق طويل لمختلف المرافق العامة وكان الدور في البداية على المولات التجارية ، ثم المطاعم والمقاهي وصولا إلى الأماكن السياحية والفضاءات العامة .

واعتبر تاريخ الفاتح من يونيو / حزيران موعدا حاسما ومنتظرا عند عديد الأتراك حيث عادت الحياة إلى طبيعتها بنسبة 90 % مع احترام الضوابط والتدابير الاحترازية ، وهو أيضا موعد إعادة فتح السوق المسقوف بعد غلق هو الأطول في تاريخه .

وقام السوق المسقوف في مدينة اسطنبول التركية باستقبال أكثر من 112 ألف زائر مطلع شهر يونيو / حزيران أي أول ثلاثة أيام من استئنافه العمل رسميا بعد غلق لمدة شهرين وأكثر بسبب جائحة كورونا وما أعقبها من قرارات الغلق في 24 مارس / آذار 2020 .

وحسب التصريحات التي أدلى بها فاتح كورتولموش رئيس مجلس إدارة السوق المسقوف، فإنّ المجمع التاريخي خضع لأكبر عملية تعقيم في تاريخه، استمرت شهرين ونصف الشهر، لتطهيره من جميع الفيروسات بما فيها الفيروس القاتل كورونا.

وتغيّرت طريقة العمل بالسوق المسقوف حيث أصبح لزاما على موظفي حراسة البوابات اطلاع جميع الزوار على قواعد الوقاية من فيروس كورونا وهم يتجولون داخل السوق ، كما أنّه تم إصدار أوامر بعدم السماح لأي شخص لا يرتدي الكمامة بدخول السوق المسقوف مع إلزامية قياس درجة حرارة أجسام الزوار و عدم السماح لمن يعانون من ارتفاع في الحرارة بالدخول إلى السوق مع توجيههم إلى أقرب مؤسسة استشفائية للكشف والعلاج في حال ثبوت إصابتهم بكوفيد ـ 19.

كما أنّه من الآن فصاعدا، سيتم ترديد إعلانات صوتية باستمرار داخل أروقة السوق من أجل تذكير الزوار بضرورة مراعاة قواعد التباعد الاجتماعي.

ولم تكن عملية إعادة الحياة الطبيعية والنشاط العادي إلى السوق المسقوف والسوق المصري بطريقة عادية، حيث تمت مراسم افتتاح السوقين الأثريين وأهمّ مركزين للسياحة القديمة في اسطنبول بتلاوة آيات من الذكر الحكيم وترديد الأدعية من طرف الحضور الذين يتقدّمهم كل من والي اسطنبول علي يرلي قايا ونائبه هوليا قايا ورئيس بلدية الفاتح م. ارغون طوران ومفتي ولاية اسطنبول البروفيسور محمد أمين ماشالي بالإضافة إلى مدير الثقافة والسياحة ورئيس مجلس إدارة السوق وأصحاب المحلات التجارية والناشط المشهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي نصرت كوغجة.

وأكّد الوالي علي يرلي قايا أثناء مراسم الافتتاح أن النشاط في المرحلة الأولى سيقتصر على 11 بوابة من أصل 22 بوابة في إطار الانتقال التدريجي للحياة الطبيعية مع ضرورة مراعاة قواعد التباعد الاجتماعي والنظافة ووضع الكمامات من طرف التجار والزوار على حد سواء للمحافظة على أسس السياحة الآمنة في تركيا .

ورفعت ولاية اسطنبول بمناسبة إعادة فتح البازار الكبير، المبلغ المالي المخصص لإعادة ترميم وصيانة الجزء الداخلي للسوق المسقوف إلى 27.5 مليون ليرة بينها 2.5 مليون مقدمة من طرف بلدية الفاتح التي ستتكفل بمتابعة عملية الترميم من جميع جوانبها خاصة مع انتهاء جميع الاستعدادات للشروع مباشرة في مشروع الصيانة .