كيف أصبح الصينيون ينافسون على المراتب العشر الأولى لأكثر الجنسيات إقبالا على عقارات تركيا ؟

المراتب العشر الأولى لأكثر الجنسيات إقبالا على عقارات تركيا

ظلت تركيا لما يقارب العقد من الزمن القبلة الأولى  في الشرق الأوسط للراغبين في شراء عقارات، وكان قانون كل من إلغاء المعاملة بالمثل سنة 2012، وقرار خفض قيمة شراء عقار من أجل الحصول على الجنسية التركية إلى 250 ألف دولار أمريكي بدل المليون، كانا بمثابة الفارق الذي جذب أنظار المستثمرين الأجانب من حول كل العالم إلى هذا البلد الساحر بطبيعته، عاداته، تقاليده وعمرانه التاريخي منه والمعاصر . 

وتنافست عديد الجنسيات من أجل الظفر بأفضل عروض شقق للبيع في تركيا ،  فلم يقتصر الأمر على بلدان بحد ذاتها على غرار الروس و مواطني البلدان العربية، بل برز في آخر ثلاث سنوات ، مستثمرون من دول لم تكن متوقعة على غرار الصين التي فرضت نفسها ضمن قائمة أكثر عشرة دول إقبالا على شراء عقارات تركيا ، فما هو السبب وراء ذلك؟ وما هي أكثر المدن التي يشتري فيها الصينيون عقارات في تركيا ، وكيف عملت تركيا على توفير أفضل بيئة استثمارية للأجانب في مجال العقارات ؟ 

الصينيون في المركز الثامن ضمن قائمة مشتري العقارات في تركيا خلال أول نصف من عام 2020 

دون سابق إنذار دخل مستثمرو ومواطنو دولة الصين قائمة أكبر الجنسيات الأجنبية شراء لـ شقق للبيع في تركيا ، واحتل الصينيون المرتبة الثامنة خلال النصف الأول من سنة 2020 بعد أن سجّلوا غيابا عن قائمة العشرين مشتري للعقارات التركية . 

وأفاد بيان صادر عن معهد الإحصاء التركي المعروف بـ " توركسات" أنّ مواطني دولة الصين قاموا بشراء ما مجموعه 415 منزلا خلال الفترة الممتدة من كانون الثاني / يناير  و حزيران / يونيو ليأتوا بذلك في المرتبة الثامنة أي ضمن قائمة العشرة الأوائل وهي المفاجئة غير المتوقعة ، خاصة مع الظرف العصيب الذي يعيشه العالم برمته جراء تفشي وباء كورونا الذي أدّى إلى تجميد حركة الطيران وتراجع مختلف الأنشطة التجارية والاستثمارية بمختلف الدول حتىّى المتقدمة منها. 

وسجّل مواطنو الصين غيابا عن قائمة أكبر 20 مشتريا أجنبيا للعقارات في تركيا طيلة الثلاث سنوات المنصرمة، إلاّ أنّ العودة كانت قوية خلال 2020 باستثمارات كبيرة، حيث سجّلوا أقوى إقبال على شقق للبيع في تركيا خلال شهر يونيو محتلين المرتبة الثالثة بشراء 78 وحدة عقارية .  

وكانت آخر مرّة أقبل فيها الصينيون على عقارات في تركيا سنة 2016 حيث قاموا بشراء 281 وحدة سكنية و أدرجوا حينها ضمن قائمة 20  جنسية أجنبية قامت بشراء بيوت للبيع في تركيا

ويتمركز شراء الصينيين لعقارات في تركيا جغرافيا بكل من مدينة اسطنبول، أنقرة وإزمير حيث يجد الصينيون في هذه المدن ضالتهم، خاصة أنّهم يبحثون دائما عن المدن العقارية الواعدة المؤهلة أكثر لارتفاع أسعار العقارات من أجل تحقيق عوائد ربحية عالية من وراء استثماراتهم العقارية . 

لماذا يقبل الصينيون بقوة على شراء عقارات في تركيا ؟ 

في إجابته على السؤال المطروح أعلاه في عنوان هذه الفقرة، صرّح عرفان كارسلي، رئيس الجمعية الثقافية التركية الصينية أنّ المواطنين الصينيين أبدوا في السنوات الماضية اهتماما كبيرا بالاستثمار العقاري والإسكان في الخارج، وبدرجة أولى في الولايات المتحدة الأمريكية، لكن سرعان ما تغيّرت اهتماماتهم بشكل غير مسبوق نحو منطقة أوروبا والشرق الأوسط، وحلّت تركيا في الصدارة بعد إطلاق مبادرة الحزام والطريق الصينية المعروفة بـ " طريق الحرير الجديد " . 

وتطلق تسمية " الحزام والطريق على المبادرة التي بادر بها الرئيس الصيني شي جين بينغ في العام 2013 بهدف تسهيل استثمارات رجال الأعمال الصينيين في تركيا وتشجيعهم على التملك العقاري وإعطائهم دفعة أكبر لتوسيع استثماراتهم  المختلفة في دولة تركيا .  

وأسهمت حسب رئيس الجمعية الثقافية التركية الصينية العوامل التالية في مضاعفة طلبات المستثمرين الصينيين على العقارات في تركيا: 

  • الشعبية السياحية التي تحظى بها تركيا وسط السياح الصينيين ودورها في التأثير إيجابا على الاستثمار العقاري الصيني في تركيا، حيث أصبحت اسطنبول وباقي المدن الوجهة المفضلة للسياح الصينيين خلال السنوات الأخيرة، إذ بلغ في هذا الصدد عدد السياح الصينيين في تركيا حوالي 500 ألف شخص سنويا، غالبيتهم تحوّلوا نحو عالم الاستثمار والعقار. 
  • تضاعفت الشركات العقارية التركية التي تلعب دور الوساطة بين العميل الصيني والبائع التركي، ما سهّل المهمة على المستثمرين الصينيين، وتعتبر شركة الهدى للاستثمار العقاري مثلا، رائدة في المجال خلال السنوات الأخيرة حيث تملك قسما خاص بالعملاء الصينيين الذين يرغبون في شراء شقق للبيع في تركيا أو شقق للبيع في اسطنبول بصفة خاصة، حيث يتم التواصل مع المستثمرين الصينيين باللغة الصينية وهو الأمر الذي يبسط من عملية شراء عقارات في تركيا ويسقط حاجز اللغة والتواصل الصعب . 
  • انخفاض أسعار الشقق في تركيا مقارنة بالصين التي تشهد ارتفاعا أغلى بثلاث مرات ،  وتعرف أسعار المنازل في اسطنبول أو تركيا عموما انخفاضا مقارنة بباقي عواصم العالم التي تعتبر أقل مستوى من ناحية البنية التحتية وقوة الاقتصاد مقارنة بدولة تركيا ، وفي الوقت نفسه كون أنّ عقارات تركيا واعدة من حيث الأسعار المستقبلية حيث ترتفع سنويا وهو ما يشكل مشروعا رابحا للصيينين الذين يبحثون عن استثمار آمن ومضمون ربحيا . 
  • تنوع جنسيات الأجانب المقبلين على الاستثمار العقاري في تركيا حفّز الصينيين على شراء عقارات في تركيا، وتملك في هذا الصدد تركيا حصة 6 مليار دولار في السوق العقارية العالمية . 

تركيا البيئة الاستثمارية العقارية الأفضل في العالم لهذه الأسباب !

من الدول القلائل في العالم التي تمكّنت خلال السنوات الأخيرة من توفير بيئة استثمارية آمنة للمستثمرين الأجانب نجد تركيا التي قامت بـ :  

  • إقرار  تسهيلات تشريعية من أجل الحصول على الجنسية التركية بأسهل وأسرع الطرق، حيث كان القانون الصادر في الجريدة الرسمية التركية بتاريخ 19 سبتمبر / أيلول 2018 فارقا في تاريخ التشريعات الموجهة للأجانب بالإضافة إلى تعديله في 7 ديسمبر / كانون الأول من نفس السنة ، وسمح الأول بالحصول على الجنسية التركية مقابل 250 ألف دولار أمريكي فقط في حين فتح الثاني الباب أمام تملك عقارات قيد الإنشاء بدل العقارات المكتملة فقط، وكانت فيما سبق قيمة التملك العقاري من أجل الحصول على الجنسية التركية تقدر بمليون دولار أمريكي أمّا فيما يخص إيداع الأموال في البنوك التركية الذي أضحى 500 ألف دولار فقد قدرّ سابقا بـ 3 ملايين دولار أمريكي لسان حال تأسيس شركة في تركيا برأس مال ثابت أصبح بـ 500 ألف دولار أمريكي عوض مليوني دولار وامتدت التعديلات القانونية أيضا إلى تخفيض عدد الموظفين الأتراك في الشركة الأجنبية بتركيا إلى 50 شخصا بدل 100 مواطن تركي فيما مضى، وتسمح الشروط السابقة التي أقرّتها تركيا للمستثمرين الأجانب بالتقديم للحصول على الجنسية التركية بكل سهولة، رفقة ذويهم " الزوجة والأبناء أقل من 18 عاما " . 
  • إسهام التعديلات في استقطاب المستثمرين من جنسيات الشرق الأوسط " إيران، باكستان، افغانستان الصين ودول الخليج " حيث ارتفع الإقبال وزادت معه طلبات شراء شقق للبيع في تركيا إلى أضعاف مضاعفة.  
  • الحصول على الجنسية التركية من خلال شراء عقار قيد الانشاء صار ممكنا: من بين أبرز التعديلات القانونية المدرجة في التشريعات العقارية التركية هي إمكانية الحصول على الجنسية التركية مقابل شراء عقارات في تركيا غير مكتملة البناء بعدما كان الطابو  أو سند الملكية شرطا ضروريا ، أي أتاحت الحكومة التركية للمستثمرين الأجانب تقديم طلبات الحصول على الجنسية التركية عن طريق شراء عقار قيد الإنشاء وفق عقد طويل الأمد بعدما كان الأمر في ما سبق مقتصرا على البنايات الجاهزة فقط، نعم، بات أمام الأجانب إمكانية تقديم ملف الحصول على الجنسية التركية من خلال شراء عقار ضمن المشاريع طور الانجاز من خلال الدفع الكامل لثمن العقار وتثبيت عقد الشراء من طرف كاتب عدل " نوتر" .  
  • تبنّت الدولة التركية مبدأ " لا تفريق بين المستثمر التركي والأجنبي" وهو الذي يظهر جليا في التسهيلات التي وضعتها بين أيدي المستثمرين الأجانب على غرار تخصيص أراضي في بعض القطاعات ومنح تخفيضات في الضرائب وعدم تحصيل رسوم على الآلات المستوردة من خارج تركيا وغيرها من المعدات.
  •  أعطت الدولة التركية أيضا للمتملك الأجنبي فرصة منح الإقامة العائلية لأسرته وهي الميزة التي لاقت استحسان الكثير، سواء عن طريق الإقامة العقارية أو عن طريق إذن العمل في حال تأسيس شركة في تركيا.  
  • لا يجد المستثمر الأجنبي في تركيا أي نوع من العوائق البيروقراطية، بقدر ما يحظى باستقبال و ترحيب واسعين من مختلف الدوائر الحكومية التي تيسّر جميع إجراءات تملكه أو تأسيس شركته في أقصر وقت ممكن مع توجيهه لأحسن الخيارات. 

تسهيلات جذبت إليها بقوة المستثمرين الأجانب خاصة الصينيين الذين اختاروا تركيا عن قناعة اقتصادية واقتحموا بشكل لافت مجال الاستثمار في قطاع العقارات عن طريق شراء شقق للبيع في تركيا وأيضا عن طريق تأسيس شركات في مجالات متعددة .